الاقتصاد
مقال تفصيلي :اقتصاد جمهورية الصين الشعبية
منذ تأسيسها عام 1949 وحتى أواخر عام 1978، بني اقتصاد جمهورية الصين الشعبية على النموذج السوفياتي من الاقتصاد المخطط المركزي. لم تكن هناك شركات خاصة وانعدمت الرأسمالية. قام ماو تسي تونغ بدفع البلاد نحو مجتمع حديث شيوعي صناعي من خلال القفزة العظمى للأمام. بعد وفاة ماو وانتهاء الثورة الثقافية بدأ دينج شياو بينج والقيادة الصينية الجديدة بإصلاحات في الاقتصاد والانتقال إلى اقتصاد مختلط موجه نحو السوق تحت حكم الحزب الواحد. يتميز اقتصاد الصين بكونه اقتصاد سوق قائم على الملكية الخاصة.[105][106] انحلت السياسة الزراعية التجميعية وتمت خصخصة الأراضي الزراعية لزيادة الإنتاجية.
جرى تشجيع مجموعة واسعة من المؤسسات الصغيرة في حين خففت الحكومة من الرقابة على الأسعار وشجعت الاستثمار الأجنبي. ركزت الصين على التجارة الخارجية بوصفها وسيلة رئيسية للنمو، الأمر الذي أدى إلى إنشاء مناطق اقتصادية خاصة أولا في شينتشين (بالقرب من هونغ كونغ) ثم في غيرها من المدن الصينية. جرت أيضاً إعادة هيكلة الشركات غير الكفء المملوكة للدولة من خلال إدخال النظام الغربي في الإدارة بينما أغلقت الشركات غير المربحة، مما أدى إلى خسائر هائلة في الوظائف.
مبنى سوق شنغهاي للأوراق المالية في مركز بودونغ في المركز المالي للمدينة.
يرجع النمو السريع في الاقتصاد والصناعة في الصين الشعبية إلى السياسة التي اتبعها دينج شياو بينج حيث بدأ في أواخر السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في إرسال البعثات إلى البلاد الغربية لتعلم الهندسة والاقتصاد وطرق الإدارة الحديثة بغرض التطوير الاقتصادي في البلاد. واعتمد على هؤلاء الذين يسمون "تقنوقراطيون " في حل مشاكل الصين الشعبية والتطور بها وتشغيل الصينيين، فكان التقنقراطيون خير نخبة يعتمد عليها في حل المشاكل في الصناعة والتطوير العملي والانتقال من مجتمع زراعي بحت إلى مجتمع صناعي . وبعد عام 1985 المجلس المركزي - وهو أعلى مجلس نابع من الحزب الشيوعي - يغلب فيه التقنقراطيون عن غيرهم من النواب. وأصبحت المجموعة الحاكمة معظمها من التقنقراطيين وساروا على هذا السبيل حتى يومنا هذا. فالمجموعة الحاكمة في الصين هم حاليا من أكثر السياسيين على مستوى العالم النابغون في في العلوم الهندسية والاقتصادية والإدارة، وتعليمهم كان بصفة رئيسية في العالم الغربي، ولا يزالون يرسلون البعثات إلى أفضل كليات الاقتصاد والعلوم والهندسة في بريطانيا ,و الولايات المتحدة الأمريكية لاكتساب المعرفة وإدخالها إلى الصين الشعبية.
منذ التحرير الاقتصادي عام 1978 نما اقتصاد جمهورية الصين الشعبية المعتمد على الاستثمار والتصدير،[107] 70 مرة [108] وأصبح أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً في العالم.[109] يحتل الاقتصاد الصيني حالياً المرتبة الثانية عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي عند 34.06 ترليون يوان أو 4.99 ترليون دولار أمريكي على الرغم من أن نصيب الفرد من الدخل لا يزال منخفضاً عند 3,700$ ويضع جمهورية الصين الشعبية قريبًا من المرتبة المائة بين بلدان العالم.[110] ساهمت الصناعات الأولية والثانوية والثالثية بنسبة 10.6% و 46.8% و 42.6% على التوالي في الاقتصاد الكلي في عام 2009. إذا أخذ تعادل القدرة الشرائية في الاعتبار فإن اقتصاد جمهورية الصين الشعبية يحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة عند 8.77$ تريليون أي تبلغ حصة الفرد الأمريكي 6,600$.[111]
في عام 1978، دفع دينج شياو بينج باقتصاد جمهورية الصين الشعبية نحو اقتصاد السوق.
جمهورية الصين الشعبية هي رابع دولة في العالم من حيث عدد السياح بنحو 50.9 مليون سائح دولي عام 2009.[112] الصين عضو في منظمة التجارة العالمية، وإبيك وهي ثاني قوة تجارية في العالم خلف الولايات المتحدة حيث تبلغ تجارتها الدولية 2.21$ ترليون (1.20$ ترليون من الصادرات (#1) و 1.01$ ترليون من الواردات (#2). يبلغ احتياطي البلاد من النقد الأجنبي 2.4$ ترليون، مما يضعها في المرتبة الأولى عالمياً في هذا المجال.[113] تمتلك جمهورية الصين الشعبية ما يقدر بنحو 1.6 ترليون دولار من سندات الضمان الأمريكية.[114] تعتبر جمهورية الصين الشعبية أكبر ممتلك أجنبي الأجنبية للدين العام الأمريكي، إذ تستحوذ على 801.5$ مليار من سندات الخزينة.[115][116] تصنف البلاد ثالثة من حيث حجم الاستثمار الأجنبي المباشر فيها، حيث جذبت 92.4$ مليار دولار في عام 2008 وحده،[117] كما أنها تستثمر بصورة متزايدة في الخارج بمبلغ إجمالي قدره 52.2 مليار دولار في عام 2008 وحده لتصبح سادس أكبر مستثمر خارجي في العالم.[118]
يعود نجاح جمهورية الصين الشعبية أساساً إلى التصنيع منخفض التكلفة. يعزى ذلك إلى اليد العاملة الرخيصة والبنية التحتية الجيدة ومستوى متوسط من التكنولوجيا والمهارة الإنتاجية العالية نسبياً والسياسات الحكومية المواتية، ويضيف البعض السعر المخفض لصرف العملة. عد الأخير سبباً في بعض الأحيان لفائض تجارة جمهورية الصين الشعبية (262.7$ مليار في عام 2007)،[119] وأصبح مصدراً رئيسياً للنزاع بين جمهورية الصين الشعبية وشركائها التجاريين الرئيسيين وهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان على الرغم من تحرير اليوان وارتفاع قيمته بنسبة 20% مقابل الدولار الأمريكي منذ عام 2005.[120]
خريطة البلدان حسب احتياطات النقد الأجنبي والذهب منقوصاً منها الدين الخارجي حسب كتاب المخابرات المركزية لعام 2010.
لا تزال الدولة تهيمن على الصناعات الإستراتيجية (مثل الطاقة والصناعات الثقيلة) ولكن المؤسسات الخاصة (30 مليون شركة خاصة)[121] تساهم بما بين 33%[122] (صحيفة الشعب اليومية على الإنترنت عام 2005) إلى 70%[123] (بيزنيس، 2005) من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن تقديرات منظمة التعاون والتنمية تصل إلى أكثر من 50%[124] من الناتج الوطني الصيني، مرتفعة من 1% فقط في عام 1978.[125] يسجل سوق الأسهم في شنغهاي زيادة قياسية في مبالغ الاكتتابات كما تضاعف مؤشر شانغهاي المركب منذ عام 2005. بلغت رسملة مشاريع الأعمال الصغيرة 3 ترليون دولار أمريكي في عام 2007 وتصنف خامس أكبر سوق أسهم في العالم.
شارع نانجينغ في شنغهاي أحد أنشط مراكز التسوق في العالم.[126]
تحتل الصين حاليا المرتبة 29 في مؤشر التنافسية العالمية.[127] حيث دخلت سبعة وثلاثون من الشركات الصينية قائمة غلوبال فورتشن 500 في عام 2009 (بكين وحدها فقط 26).[128] عند القياس باستخدام القيمة السوقية، فإن أربعة من أكبر عشرة شركات في العالم هي شركات الصينية. منها الأولى عالمياً شركة بتروتشاينا (أغلى شركة نفط في العالم)، وفي المرتبة الثالثة البنك الصناعي والتجاري الصيني (أغلى البنوك في العالم من حيث القيمة) وفي المرتبة الخامسة تشاينا موبايل (أكثر الشركات العالمية للاتصالات قيمة) وفي المرتبة السابعة تشاينا كونستركشن بانك.[129]
على الرغم من أن الشعب الصيني فقير وفقاً للمعايير العالمية فإن النمو السريع لاقتصاد البلاد تمكنت من نشل مئات الملايين من الناس وأخرجتهم من حالة الفقر منذ عام 1978. اليوم يعيش حوالي 10% من سكان الصين (مقابل 64% في 1978) تحت خط الفقر (يصل تعادل القدرة الشرائية الخاص بهؤلاء الناس إلى دولار واحد في النهار)، في حين ارتفع متوسط العمر المتوقع بشكل كبير إلى 73 سنة.[130] أكثر من 93% من السكان يعرفون القراءة والكتابة، مقابل 20% في عام 1950.[131] انخفضت البطالة في المناطق الحضرية إلى 4% بحلول نهاية عام 2007 (قد تكون الأرقام الحقيقية الكلية للبطالة أعلى عند 10%).[132]
وصل تعداد الطبعة المتوسطة الصينية (المدخول السنوي لا يقل عن 17,000 دولار) حتى الآن لأكثر من 100 مليون نسمة،[133] في حين يقدر عدد الأفراد أصحاب الثراء الفاحش (أكثر من 10 مليون يوان أو 1.5 مليون دولار) بنحو 825,000 وفقاً لتقرير هورون.[134] بلغت قيمة سوق التجزئة الصيني 8921 مليار يوان (1302 مليار دولار) في عام 2007 وينمو بمعدل 16.8% سنوياً،[135] كما أنه الآن ثاني أكبر مستهلك لسلع الرفاهية خلف اليابان مع 27.5% من الحصة العالمية.[136]
يتفاوت النمو الاقتصادي في البلاد عند المقارنة بين المناطق الجغرافية المختلفة والمناطق الريفية والحضرية. الفجوة في الدخل بين المناطق الحضرية والريفية آخذة في الاتساع مع معامل جيني قدره 46.9%. كما تركز التطوير أيضاً في المناطق الساحلية الشرقية بينما ترك ما تبقى من البلاد وراءها. للتصدي لهذا، شجعت الحكومة على تنمية المناطق الغربية شمال شرق ووسط الصين.
يعتمد الاقتصاد أيضاً للغاية على الاستخدام للطاقة وبشكل غير فعال حيث يستخدم ما بين 20% و 100% من الطاقة أكثر من بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في الكثير من العمليات الصناعية.[137] بات الاقتصاد الصيني المستهلك الأكبر في العالم للطاقة [138] ولكنها تعتمد على الفحم لتزويد حوالي 70% من احتياجاتها من الطاقة.[139] أدى هذا الأمر مع تراخي السياسات البيئية الحكومية إلى تلوث هائل في المياه والهواء (تمتلك الصين 20 من بين 30 مدينة أكثر تلوثاً في العالم) [137] وبالتالي فإن الحكومة وعدت استخدام المزيد من الطاقة المتجددة مع هدف الوصول إلى 10% من إجمالي الطاقة المستخدمة بحلول عام 2010 و 30% بحلول عام 2050.[140]