تولى يحيى خان الحكم 1969
تولى يحيى خان الحكم وسط العديد من المشاكل والأخطار التي أصبحت تهدد الكيان الباكستاني بالوجود فما إن انتهت الحرب الهندية الباكستانية في العام 1966 م حتى بدأت مشكلة باكستان الشرقية بالتصاعد، هذه المشكلة التي بدأت في العام 1952 م بمطالبات أهل باكستان الشرقية ذات الأغلبية البنغالية باحترام حقوقهم الثقافية والعددية ذلك بعد أن أعلن محمد علي جناح أمام حشد ضخم من السكان البنغال في دكا، عاصمة باكستان الشرقية آنذاك، أن الأردية ستكون هي اللغة الرسمية الوحيدة في باكستان مما أدى إلى إرساء سابقة خطيرة لحكام باكستان الغربية (باكستان الحالي) ألا وهي تحييد الأغلبية العددية لباكستان الشرقية عبر إجراءات قانونية خادعة فضلاً عن إجراءات أخرى مجحفة أفقدت سكان باكستان الشرقي تأثير الصوت الانتخابي. تصاعدت حدة المطالبة بالحقوق البنغالية والتي تزعمها مجيب الرحمن - والذي كان وللمفارقة من أبرز المؤيدين لـ "محمد علي جناح" في تأسيس دولة باكستان - زعيم حزب رابطة عوامي الممثل الأكثر شعبية لدى البنغاليين لتصل حدّ المطالبة بالاستقلال الذاتي الكامل لباكستان الشرقية وتمثيلها في المجلس النيابي الاتحادي على أنها تمثل أغلبية السكان، إلا أن هذه المطالب وجدت معارضة شديدة من قبل أهل السلطة في باكستان الغربية، وبالعودة إلى تولي يحيى خان الحكم فإنّه أعلن عن إجراء انتخابات عامة في البلاد في أسرع وقت ممكن لاختيار أعضاء المجلس النيابي، وأن الجمعية الوطنية المنتخبة ستضع دستوراً جديداً للبلاد سيكون نظاماً نيابياً لا رئاسياً، وأجريت بالفعل في العام 1970م - وكانت هذه الانتخابات أول تجربة ديمقراطية بعد الاستقلال - وأسفرت عن فوز حزب "رابطة عوامي" بزعامة مجيب الرحمن بأغلبية المقاعد في الجناح الشرقي، وفوز حزب "الشعب" بزعامة "ذو الفقار علي بوتو" في الجناح الغربي، ولمّا كان سكان الجناح الشرقي يشكلون الغالبية السكانية (53 %) فهذا يعني أحقيّة حزب رابطة عوامي في تشكيل الحكومة ورئاستها، عندها حاول بوتو أن يقتسم السلطة بينه وبين مجيب الرحمن، لكنه لم يوفق لإصرار الأخير على المطالبة بالانفصالية، ورغبته في عقد جلسات المجلس النيابي في أقرب فرصة، ليتمكن من إقرار دستور يعطي باكستان الشرقية حكماً ذاتياً بناءً على أغلبية أعضاء حزبه المطلقة في المجلس. تقرر يوم الثالث من آذار/مارس 1971م موعداً لانعقاد المجلس النيابي، ولكن بوتو رفض حضور الجلسة رفضاً تاماً، فتأجل الموعد مما أثار أهل باكستان الشرقية، وانفجر فيها عصيان مسلح، أجّجه دعوة مجيب الرحمن إلى الإضراب العام ودعوته البنغاليين إلى التضحية بحياتهم في سبيل القومية البنغالية !! واضطر الرئيس "يحيى خان" للسفر إلى الجناح الشرقي لتهدئة الأوضاع فلم يفلح، واعتُقل مجيب الرحمن، لأنه أعلن قيام دولة بنجلاديش في 26 آذار/ مارس 1971م. وفي أثناء ذلك توجهت عناصر انفصالية بنجلادشية أغلبها من الهندوس إلى الهند، وبدأت العمل ضد باكستان، وقُدّر هؤلاء بنحو تسعة ملايين، ثم قامت الهند بالتعاون مع هؤلاء الانفصاليين بالهجوم على باكستان، ثم اشتعلت الحرب بين الهند وباكستان على الحدود الشرقية والغربية للبلدين، وانتهت المعارك بهزيمة كبيرة لباكستان، وتوقيع معاهدة استسلام. أدى هذا القتال الدامي إلى وفاة أكثر من مليون شخص كما فقدت باكستان حوالي سُبع مساحتها وما يزيد على نصف عدد سكانها، تقدم يحيى خان باستقالته بعد مرور عدة أيام على وقوع هذه الأحداث، ثم خلفه ذو الفقار علي بوتو.