التاريخ
تاريخ باكستان يعود إلى 2500 سنة قبل الميلاد حيث قامت حضارة مزدهرة حول وادي نهر السند، تعاقب على حكم هذه المنطقة الفرس والاسكندر المقدوني وأقوام من أواسط آسيا حتى العام 711 م، 93 هـ حيث أبحر المسلمون العرب عبر بحر العرب وقاموا بفتح إقليم السند حيث نشروا الدين الإسلامي في هذا الإقليم. وبحلول عام 391 هـ، 1000م فتح المسلمون الأتراك منطقة شمال الباكستان انطلاقـًا من إيران، وقد أسس محمود الغزنوي مملكة إسلامية شمل نفوذها في بعض المراحل إقليم وادي نهر السند بأكمله. وقد أصبحت لاهور عاصمة لهذه المملكة، ثم نمت وتطورت بعد ذلك لتصبح مركزًا رئيسيـًا من مراكز الثقافة الإسلامية في شبه القارة الهندية. وقد أصبحت معظم الأنحاء التي تعرف اليوم باسم باكستان، جزءًا من سلطنة دلهي عام 603هـ، 1206م، وهي إمبراطورية إسلامية كانت تضم شمالي الهند. وقد استمرت سلطنة دلهي قائمة حتى عام 933هـ، 1526م، أي إلى حين ظهور بابار، وهو حاكم إسلامي من أفغانستان قام بغزو الهند وتأسيس الإمبراطورية المغولية. كانت إمبراطورية المغول تضم جميع الأنحاء التي تكوّن كلاً من باكستان وشمال وووسط الهند وبنغلادش اليوم، وقد نمت خلال فترة حكم المغول ثقافة تجمع بين عناصر من الشرق الأوسط وأخرى هندية. تضم هذه الثقافة لغة جديدة هي اللغة الأردية التي تأثرت باللغتين الهندية والفارسية. وقد كانت هذه اللغة تحمل في طياتها ديانة جديدة هي ديانة السيخ التي تعاظم نفوذها في هذه الفترة فأصبح لها عدداً من الأماكن المقدسة في إقليم البنجاب الباكستاني. بدأت المنافسة تحتدم بين التجار الأوروبيين ابتداءً من القرن السادس عشر الميلادي، وذلك من أجل بسط السيطرة على النشاط التجاري ذي العائد المجزي الذي كان يقوم بين أوروبا وجزر الهند الشرقية. وقد أنشأت العديد من الشركات التجارية المجمعات السكنية في الهند – والتي أصبحت فيما بعد ثكنات عسكرية تهاجم المدن والبلدات الهندية وتستبيحها -، وذلك بالتعاون مع أباطرة المغول. وبحلول القرن الثامن عشر الميلادي وما تلاه أصبحت شركة الهند الشرقية البريطانية الجنسية أضخم قوة تجارية في الهند. استطاعت شركة الهند الشرقية أن تبسط مظاهر النفوذ والسيطرة على المزيد من الأنحاء في الهند. وفي عام 1740م بدأت إمبراطورية المغول في التفكك والانهيار، كما أن شركة الهند الشرقية – من خلال ذراعها العسكري - قد خاضت سلسلة من المعارك والمواجهات في كل من البنجاب والسند، وذلك خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر، ومن ثم استطاعت أن تضم هذه الأنحاء إلى مجموعة ممتلكاتها. في العام 1858 م قامت الحكومة البريطانية بالاستيلاء على شركة الهند الشرقية، ومنذ ذلك الحين أصبحت جميع الأراضي التي كانت تمتلكها شركة الهند الشرقية تعرف باسم الهند البريطانية أي أنّها تحت حكم التاج البريطاني وليس حكم شركة تجارية بريطانية فحسب، وتنوعت آلية الحكم البريطاني بين منطقة وأخرى فهناك بعض المناطق التي حُكمت حكماً مباشراً وهي في الغالب مناطق المسلمين بالإضافة إلى سيريلانكا وهناك مناطق تولى حكمها زعماء محليون أو ما يسمى المهراجا ،بعضهم مسلمون ولكن غالبيتهم من الهندوس، مع تبعيتهم وولائهم للتاج البريطاني وهناك نوع ثالث غريب كمنطقة كشمير التي تم تأجيرها إلى عائلة الدوغرا الاقطاعية الهندوسية بموجب اتفاقية (عقد إيجار) لمدة 100 سنة تنتهي سنة 1946 م رغم أن الغالبية الساحقة من سكان الإقليم كانوا مسلمين (حوالي 82%)!!... قامت بريطانيا بإحداث العديد من المدارس والجامعات بنظم تعليمية تغريبية التحق بها أعداد كبيرة من الهندوس بينما قاطعها غالبية المسلمين الذين بقوا يذهبون إلى مدارسهم الخاصة حيث اقتصر التعليم فيها على مبادئ الدين الإسلامي ومبادئ الحساب مما أدى إلى فجوة ثقافية كبيرة بين الهندوس والمسلمين وبالتالي سيطرة الهندوس على العديد من المواقع الهامّة في مديريات الدولة المختلفة، هنا ظهر العديد من المصلحين الإسلاميين الذين تنادوا لإصلاح وضع المسلمين وزيادة الوعي والعلم لديهم كخطوة أولى نحو التحرر والاستقلال، كان أحد أهم هؤلاء السيد أحمد خان الذي تزعم الحركة الإصلاحية في منتصف القرن التاسع عشر فبدأ خطته في الارتقاء بمستوى التعليم لدى المسلمين لإيمانه بأنه السبيل إلى النهوض بهم، وذلك بتأسيس جمعية علمية أدبية في "غازي بور" سنة (1280هـ= 1863م)، كان الغرض منها نشر الآراء الحديثة في التاريخ والاقتصاد والعلوم، وترجمة أهم الكتب الإنجليزية في هذه الموضوعات إلى اللغة الأردية حتى يستفيد منها أكبر عدد ممكن ودعم نشاطها بإصدار مجلة تحمل اسم الجمعية، كان ينشر على صفحاتها أفكاره الإصلاحية، ومقالاته التي تدعو مسلمي الهند على اليقظة والنهوض. وقام في أثناء انشغاله بالعمل الإصلاحي بإنشاء مدرستين يلتحق بهما جميع طوائف الهند، كما أنّه خطا خطوة كبيرة بتأسيسه معهد تعليمي عالٍ لتدريس العلوم الحديثة في مدينة عليكرة تطور فيما بعد وأصبح جامعة مرموقة – عُرفت لاحقاً بجامعة عليكرة الإسلامية
جمعت في تعليمها بين مناهج التعليمين الإسلامي والغربي معاً كما تخرّج منها العديد من رموز الثقافة والفكر من المسلمين لعل من أشهرهم شاعر الإسلام محمد إقبال الذي يعدّ الأب الروحي لدولة باكستان.