اريخ الأحزاب
حكمت اليابان منذ عام 1955 بواسطة الحزب الديمقراطي الليبرالي ذو الاتجاه الحافظ، والذي جمع في صفوفه بين البيروقراطية وأعيان الريف وكبار رجال الأعمال والمهنيين والذين زودوا الحزب بالدعم المالي والأصوات والمهارات والمقدرة التنظيمية اللازمة للحكم والإدارة والتي بمقتضاها استطاع الحزب أن يستمر في الحكم اليابان منذ تكوينه وحتى بداية التسعينيات.
كما عرفت اليابان أحزاب أخرى مثل الحزب الاشتراكي الياباني الذي تأسس في عام 1960 من خلال أعضاء الجناح اليميني في الحزب الاشتراكي الياباني، كما يوجد أيضا الحزب الشيوعي الياباني وحزب الحكومة النظيفة، والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
و لسنوات طويلة ظلت الحياة السياسية في اليابان يحكمها نوع من الثنائية في التركيبة الحزبية ممثلة في الحأستغفر اللهين الديمقراطي الليبرالي والاشتراكي، ولكنها جوهريا كانت تكرس مكانة الحزب الديمقراطي الليبرالي مع التأكيد للعالم على مدى تقبل النظام الياباني لوجود معارضة حرة. أدى ذلك إلى انفراد الحزب الديمقراطي الليبرالي بالحكم لفترة طويلة بينما بقيت المعارضة متمثلة في الحزب الاشتراكي.
وقد ذهب بعض الباحثين في تحليلهم للنظام الياباني إلى أن اليابان تعتبر من الناحية الفعلية نظام لحزب واحد، وأن القيم والثقافة السائدة فيه تختلف عن تلك الموجودة في الغرب، فقيم العنصرية والهيراركية والاعتمادية السائدة في اليابان مقابل قيم الفردية والاستقلالية السائدة في الغرب، كما أن وجود حزب مسيطر في اليابان يجعل الديمقراطية اليابانية تختلف عن ديمقراطية الغرب، والتي يكون الأفراد والأحزاب فيها عرضة لصراعات واختلافات مستمرة. وبعبارة أخرى فإن ما يراه الغرب من متطلبات الديمقراطية أو شروطها يمكن أن يقود إلى نتائج خادعة في حالة اليابان ودول شرقي آسيا.
و يلاحظ في حالة الأحزاب اليابانية أنه على الرغم من الأخذ بالتعددية الحزبية وفقا للنمط الغربي إلا أنه لا يوجد الرباط القوى بين الأفراد والأحزاب السياسية، وحتى بالنسبة للأحزاب التي تلعب الأيديولوجية فيه دورا كبيرا لتحديد الانتماء والهوية كالحزب الشيوعي فإن أولئك الذين يعطون أصواتهم للأحزاب الأيديولوجية[3] في اليابان قد لا يكون لديهم انتماء إيديولوجي قوي بالضرورة، كما أن عديد من المواطنين الذين يعطون أصواتهم للأحزاب المعارضة في اليابان قد لا يفعلون ذلك عن اقتناع إيديولوجي بتلك الأحزاب بقدر ما يفعلون ذلك تعبيرا عن عدم رضاهم عن النظام السياسي، وإذا كانت الإيديولوجية ليس لها تأثير كبير على السلوك ألتصويتي في اليابان إلا أن الأحزاب تتميز يبعضها البعض بتوجهاتها الفلسفية.كما تتميز الأحزاب اليابانية أيضا بضعف العلاقة بين السياسة الحأستغفر اللهة والانقسامات الاجتماعية والثقافية، فالأحزاب التي تتكون والأصوات التي تتحدد وفقا لهذا الانقسام تكاد تكون غير ملموسة في السياسة الانتخابية في اليابان.
وقد بدأت اليابان تعرف خبرة التحول الديمقراطي عقب هزيمتها في الحرب العالمية الثانية حيث فرض الحلفاء عليها دستور 1947 والذي ينطوي على القواعد والمبادئ الديمقراطية. واستطاعت اليابان أن تحافظ على الممارسة الديمقراطية الناجحة طوال فترة تزيد عن أربعة عقود من الزمان، وينطوي دستور 1947 على مبدأ القيادة الشعبية ومبدأ الديمقراطية البرلمانية وعلى الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، ويمكن تفسير الاتساق والاستمرارية في الدستور الياباني بعدة عوامل من أهمها إنه جاء ليعكس بعض الأفكار المهمة التي كانت سائدة لدى ذوى النزعة الليبرالية في اليابان، وعدم وجود دوافع ملحة لدى الشعب الياباني لتعديل الدستور، بالإضافة إلى تقبل المبادئ الجديدة التي جاء بها الدستور وبصفة خاصة بعد أن تم تطويع تلك المبادئ لكي تتناسب مع الواقع الياباني.
وتعرف اليابان بالإضافة إلى التعددية الحزبية تعددية داخل الأحزاب ذاتها بمعنى اختلاف الأجنحة والتيارات السياسية والطوائف وتباينها سواء داخل الحزب الحاكم ذو الميول المحافظة أو داخل أحزاب المعارضة ذات النزعة التقدمية، فالحزب الديمقراطي الليبرالي يعبر عن التعددية من خلال ما يوجد داخله من طوائف متعددة ونزعات مختلفة وقطاعات متباينة، لذلك يتساءل البعض عما إذا كان الحزب الديمقراطي الليبرالي في اليابان يعبر عن حزب سياسي واحد، أم يعبر عن ائتلاف حزبي، أم يمثل نظاما حأستغفر اللها بمفرده؟.كما تشهد أحزاب المعارضة بدورها تعددية في الآراء والاتجاهات داخل كل حزب، وانقسامات حول بعض القضايا المهمة.
و يلاحظ بالنسبة للديمقراطية اليابانية أن المؤسسات السياسية تنطوي على قواعد عامة تكفل للأفراد التعبير عن مطالبهم وتكفل لهم فرصة التحدي السلمي أو المعارضة للنظام القائم والوصول إلى حلول توفيقية بالنسبة لأغلب القضايا السياسية المهمة دون تخوف من فقدان الحرية أو الممتلكات أو الحياة، كما أن الشرطة والقوات المسلحة لا يقومون بممارسة دور سياسي أو اختطاف أو قتل أو تعذيب المعارضين سياسيا للنظام، كما أن الجماعات المصلحية في النظام الياباني تمارس دورها بنشاط وحيوية مما يزيد من السمات الديمقراطية للنظام السياسي، كما أن طبيعة النظام البرلماني في اليابان كان من شأنها تقليص سلطات الإمبراطور وتزايد دور البرلمان في عمليات صنع السياسة وفي حماية الدستور مما أدى إلى انبعاث النظام الديمقراطي كبديل عن النظام السلطوي الذي ألفته اليابان لفترة زمنية طويلة، كما تظهر المهارة اليابانية في تطبيق الديمقراطية المستحدثة في البيئة اليابانية في مركب واحد متجانس يضفي على الديمقراطية اليابانية طابعها المتميز وسماتها الخاصة، ولذلك يمكن القول غن اليابان قد خضعت لتأثير ثلاثة عوامل أساسية وهي التقاليد السياسية والثقافية اليابانية[5]، وخبرة الاحتلال الأمريكي والتغيرات الاجتماعية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أسهمت هذه العوامل في إضفاء الاستقرار على عملية التحول الديمقراطي في اليابان.
و منذ عام 1993 أصبحت إمكانية تبادل الأدوار بين الحزب الديمقراطي الليبرالي وغيره من الأحزاب المعارضة قائمة حيث لم يتمكن الحزب من الفوز في هذه الانتخابات وبدأت اليابان تعرف فكرة الحكومة الائتلافية والتي يشارك فيها أكثر من حزب في الحكم نظرا لعدم حصول أي حزب على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة بمفرده، فقد كانت الحكومة التي تشكلت في يونيو سنة 1994 حكومة ائتلافية، كما أقررت انتخابات سنة 1966 في اليابان حكومة ائتلافية أيضا وينفي ذلك فكرة الأحادية الحأستغفر اللهة عن النظام الياباني.