الأنباط في الاردن.
مملكة عربية سادت ثم بادت، إنها مملكة الأنباط التي كانت تقع شمال الجزيرة العربية على طريق البخور التجاري الذي يمتد من المحيط الهندي إلى موانئ فلسطين وسوريا، وحدودها حدود المملكة الأردنية الهاشمية الآن تقريبا. ومملكة الأنباط التي انتعشت قبل الميلاد بقرون وحتى نهاية القرن الأول وتحديدا سنة 106، تتكون من أراض صخرية حجرية في أغلب مناطقها، ففيها الجبال والشعاب وبعض المناطق أو الواحات الخصبة التي تتوافر فيها المياه مما سهل استقرار الناس فيها ومزاولة مهنة الزراعة. تعد البتراء المقاطعة الرئيسية أو العاصمة التي يشير اسمها إلى كل جبل مقدس يصعب صعوده، ومعناها في العربية صخر أو حجر، ويطلق عليها العرب اسم الرقيم، وهي تقع اليوم في وادي موسى. أما بقية المدن أو المقاطعات في مملكة الأنباط فهي: الحجر أو "مدائن صالح"، وأم الجِمال المبنية من الحجر الأسود الناري، والنقب. أن النبط اسم لقوم، وليس اسما لمنطقة، واختلف المؤرخون في أصلهم فذهب القديس جيروم إلى أنهم من نسل "نبايوط" الابن الأكبر للنبي إسماعيل، وهناك من يرى أنهم من العراق جاء بهم نبوخذ نصر في القرن السادس قبل الميلاد عند تحريره لفلسطين ونزلوا البتراء واستقروا بها. ورأي آخر يذكر أنهم من وسط شبه الجزيرة العربية، ورأي يؤكد أنهم من اليمن. يشار إلى أن الأنباط هاجروا من اليمن طلبا للرزق والزراعة ورعاية الماشية، ويؤكد هذا الأمر انتهاج الأنباط طرق الري والزراعة والنحت على غرار العديد من المنشآت المائية الموجودة في اليمن، لذا فإنهم عرب وليسوا آراميين، وإن استعملوا الآرامية في كتاباتهم. وعن الأحوال الاجتماعية للأنباط فهم ينقسمون إلى طبقات: الاستقراطية العربية، والمواطنون الأحرار، وفئة العبيد، وفئة الأجانب. أما بالنسبة إلى الديانة في مملكة الأنباط، يعتبر الآله ذوالشرى على رأس مجموعة الآلهة، فهو الرب الأكبر الذي اتسم بطبيعة كوكبية متمثلة بالشمس، واشتهرت عبادة الإله ذوالشرى ولا سيما في مدينة البتراء، ومنها انتشرت عبادته إلى سائر الأنحاء.